يتشرف المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب المنبثق عن اتحاد الجامعات العربية بأن يصدر عددًا خاصًا للمعماري والمرمم الدولي الكبير أ.د. صالح لمعي مصطفى الذي يعد رائدًا لعلوم الترميم المعماري والدقيق على المستويين الدولي والإقليمي، وله مدرسة في الترميم المعماري تتلمذ فيها القاصي والداني، وتخرج منها العديد من أساتذة الترميم في مصر والخارج، وقد جمع صاحب التكريم خصالًا جمة كثيرة قلما أن تجتمع في شخص واحد، فهو عالم في تخصصه ومتفرد في منهجيته العلمية والعملية التي تزدان بالانضباط والالتزام بشكل غير مسبوق، فإذا قُدر أن تتحدث إليه في مسألة أو إشكالية تخص الآثار فأنت أمام فيض من المعلومات لا تنضب، لديه الحلول العاجلة والآجلة لأمراض الحجر وشيخوخة الأثر، يتسم بالخلق الرفيع والشموخ وعزة النفس، وكان من حسن حظى أن تشرفت بمزاملته منذ أربعين عامًا، فلم أر فيه ما يُقدح على الرغم من الصراعات الكثيرة التي خاضها دفاعًا عن الآثار، والتي جمعتنا سويًا في خندق واحد حيث واجهنا العديد من القضايا المشتركة والتي كانت تشكل خطرًا داهمًا على الآثار وبخاصة الآثار الإسلامية منها قضية باب العزب، والجامع الأزهر، والقاهرة التاريخية ومتحف الفن الإسلامي وجبانات القاهرة، والعديد من القضايا التي وقفنا فيها معًا من أجل حماية الآثار والزود عنها، وكان الرجل صلبًا لا يلين ولا يخشى في الحق لومة لائم، فلا شيء يوقفه عن أداء واجبه ولا إغراءات تثنيه عن مبادئه، فهو أنموذجًا فريدًا يحتذى به في العمل الأثري والإنساني، إلى جانب اعتزازه الكبير بمصريته، فهو مسكون بحب مصر على الرغم من أنه لم ينل حقه المستحق في التكريم من الدولة التي لو أرادت أن تعرف شيئاً عن مكانة صاحب التكريمات الدولية لكفاها ما تسمعه في أروقة اليونسكو والمنظمات الدولية، أو تقرأ عنه فيما أصدرته الشقيقة المملكة العربية السعودية من إصدارات خُصصت لمجمل أعماله وإسهاماته في خدمة الحفاظ على التراث الإنساني، أو تشاهد أعماله ومشروعاته الخالدة التي أسهم بها في حفظ التراث الإنساني على مستوى العالم، وإن ما ألفه من كتب وبحوث علمية هي مناهج علمية متخصصة ومصادر لا غنى عنها للمهندسين والمرممين والآثاريين والتطبيقيين والفنيين المعنيين بالعمل الأثري وصيانة التراث، وفى الحقيقة إن الجائزة التي أطلبها إليه لا تزيده ولا تنقصه فالرجل وسام على صدر مصر وأحد نجومها الزاهرة وعلمائها البارزين في مجال الترميم المعماري والدقيق، وهذا الكتاب الذى بين أيدينا قد أسهم فيه نخبة من محبيه في مصر والخارج الذين يقدرونه حق التقدير ولو قدر وأن دعوت محبيه للكتابة لأصدرنا عشرات الأجزاء ولكن حسبي أن نكون قد عبرنا عما يجيش في صدورنا من فيض محبته في قلوبنا ومكانته في حياتنا داعين الله العلى القدير أن ينعم عليه بموفور الصحة والسلامة وأن يحفظه من كل مكروه.